Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

فتح القريب المجيب | في الـنجاسات وإزالـتها

 بسم الله الرحمن الرحـيـم
وهذا الفصل مذكـور في بعض الـنسخ قـبـيـل كـتاب الصلاة. والـنجاسـة لغة : الـشـيء الـمـسـتـقدر
فصل في بـيان الـنجاسات وإزالـتـها

وهذا الفصل مذكـور في بعض الـنسخ قـبـيـل كـتاب الصلاة. والـنجاسـة لغة : الـشـيء الـمـسـتـقدر, وشرعا : كل عين حـرم تـناولـه على الإطلاق حالـة الإخـتـيار مع سـهولـة الـتـمـيـيـز لا لـحـرمـتـها ولا لاسـتـقدارها ولا لـضررها في بـدن أو عقل. ودخل في "الإطلاق" قليل الـنـجاسة وكـثـيـرها, وخرج بالإخـتـيـار الضـرورة فإنـها تـبـيـح تـناول الـنجاسـة, وبـسـهولـة الـتـمـيـيـز أكل الـدود الـمـيـت في جـبـن أو فاكـهـة ونـحو ذلك, وخرج بقـوله "لا لـحـرمتـها" مـيـتـة الآدمـي, وبـعدم الاسـتـقذار الـمـني ونـحوه, وبـنـفـي الضرر الـحـجر والـنـبات الـمضر بـبـدن أو عقل.

ثـم ذكـر الـمصـنف ضابـطا للـنـجس الـخارج من الـقـبل والدبـر بـقـولـه : وكل مائـع خرج من أحد الـسـبـيـلـيـن نـجس هو صادق بالـخـارج الـمـعتـاد كـالـبـول والـغائـط وبالـنادر كالدم والـقـيـح إلا الـمـني من آدمـي أو حيوان غيـر كلب وخـنـزيـر وما تـولد منهما  أو من أحدهما مع حـيـوان طاهر, وخـرج بـمـائـد الدود وكل مــتـصلـب لا تـحـيـلـه الـمـعدة فـليس بـنـجس بل مـتـنـجس يـطهر بالغسل؛ وفي بعض الـنـسخ "وكل ما يـخـرج" بلفظ الـمـضارع وإسقاط "مائـع".

وغسل جميع الأبـوال والأرواث ولو كانا من مأكول اللـحـم واجب وكـيـفـيـة غسل الـنجاسـة إن كانـت مشاهدة بالـعـيـن وهي الـمـسماة بالـعـيـنـيـة تـكون بـزوال عـيـنـها ومـحاولـة زوال أوصافـها من طـعم أو لون أو ريـح, فإن بـقـي طعم الـنجاسـة ضر, أو لونٌ او ريـح عسر زواله لـم يضر؛ وإن كانـت الـنـجاسـة غير مشاهدة وهي الـمـسماة بالـحكمـيـة فـيـكفـي جري الـماء على الـمـتـنـجس بـهـا ولو مرة واحدة

ثـم اسـتـثـنـى الـمـصنـف من الأبـوال قـولـه : إلا بـول الصـبـي الذي لـم يأكـل الـطعام اي لم يـتـناول مأكولا ولا مشروبا على جـهـة الـتـغذي, فإنـه اي بول الـصـبـي يـطهر بـرش الـماء عليه ولا يـشـتـرط في الـرش سـيلانـه الـمـاء, فإن أكل الـصـبـي الطعام على جهة التغذي غسل بـوله قطعا. وخـرج بالـصـبـي الـصـبـيـةُ والـخـنـثـى فـيـغـسل من بـولـهـما. ويـشـتـرط في غسل الـمـتـنـجس ورود الـماء عليه إن كان قـلـيلا, فإن عكس لـم يطهر؛ أما الـكـثـيـر فـلا فرق بـيـن كون الـمـتـنـجس واردا أو مورودا.


ولا يـعفـى عن شـيء من الـنـجاسات إلا الـيـسـيـر من الـدم والـقـيح فـيـفى عنـهما في ثـوب أو بدن وتـصح الصلاة مـعهما. وإلا ما اي شيء لا نـفـس لـه سائـلة كـذباب ونـمل إذا وقـع في الإنـاء ومات فـيـه فـإنـه لايـنـجسـه, وفي بـعض الـنـسـخ "إذا مات في الإناء". وأفـهم قولـه "وقع" اي بـنـفـسـه أنـه لـو طرح ما لا نفس له سائـلـة في الـمائـع ضر, وهو ما جـزم بـه الـرافـعـي في الشـرح الـصـغـيـر ولـم يـتـعـرض لـهـذه الـمسألـة في الـكـبـيـر. وإذا كـثـرت مـيـتـة ما لا نفس له سائـلـة وغيـرت ما وقـعت فـيـه نـجـسـتـه, وإذا نـشأت هذه الـمـيـتـة من الـمـائـع كـدود خلّ وفاكـهـة لـم تـنـجـسـه قـطعا. ويـسـتـثـنـى مع ما ذكـر هنا مسائـل مذكـورة في الـمـبـسـوطات سـبـق بـعـضها في كـتـاب الـطهارة.

والـحـيوان كـلـه طاهر إلا الكلب والـخـنـزيـر وما تـولـد مـنـهما أو من أحدهـما مع حـيـوان طاهر, وعبـارتـه تـصدق بـطهارة الدود الـمـتـولـد من الـنـجاسـة وهو كـذلك. والـمـيـتـة كلها نـجـسـة إلا الـسـمك والـجـراد والآدمـي, وفي بـعض الـنسـخ "وابـن آدم" اي ميـتـة كل منها فإنـها طاهرة.

ويغسل الإناء من ولوغ الكلـب والـخـنـزيـر سـبـع مرات بـمـاء طهور إحداهـن مـصـحـوبـة بالـتـراب الـطـهور يـعم الـمـحل الـمـتـنـجـس, فإن كان الـمـتـنـجس بـمـا ذكـر في ماء جار كـدر كـفـى مرور سـبع جـريات عليه بلا تـعـفـيـر, وإذا لـم تـزل عـيـن الـنـجاسة الـكلـبـيـة إلا بـست مـثـلا حـسـبـت كلـها غسلة واحدة. والأرض الـتـرابـيـة لايـجـب الـتـراب فـيـها على الأصـح. ويغسل من سائـر اي باقـي الـنجاسات مرة واحـدة وفي بـعض الـنـسـخ "مرة" تأتـي عليه, والـثلاث وفي بعض الـنـسـخ "والثلاثـة" بالـتـاء أفضل.

واعلـم أن غسالـة الـنـجاسـة بعد طهارة الـمـحل الـمـغسـول طاهرة إن انـفصلت غيـر مـتـغـيـرة ولـم يـزد وزنـها بعد انـفصالـها عـما كان بعد اعـتـبار مقـدار ما يـتـشـربـه الـمـغسول من الـماء, هذا إذا لـم تـبـلغ قـلـتـيـن, فـإن بـلـغتـهما فالـشـرط عدم الـتـغـيـر. ولـما فـرغ الـمـصنف مـما يـطـهر بالـغسل شرع فـيـما يـطهر بالاسـتـحالـة وهي انـقـلاب الشـيء من صفـة إلى صفة أخرى فقال : فإذا تـخـلـلت الـخـمرة وهي الــمـتـخـذة من ماء الـعـنب مـحـتـرمـة كانـت الـخـمرة أم لا, ومـعـنى تـخلـلت : صارت خـلا. وكانـت صـيـرورتـها خلا بـنفـسـها طهرت وكـذا لو تـخلـلت بـنـقـلـها من شـمس إلى ظل وعكـسه, وإن لـم تـتـخـلل الـخـمـرة بـنـفـسها بل خـللت بـطرح شيء فـيها لـم تـطهر وإذا طهرت الـخـمرة طـهر دنـها تـبـعا لـهـا.

والله تعالى أعلم

إرسال تعليق for "فتح القريب المجيب | في الـنجاسات وإزالـتها"