فتح القريب المجـيب | مـقـدمة
بـسم الله الـرحـمن الـرحـيـم
قال الشيخ الإمام العالم العلامة شمس الديـن أبو عبد الله محمد بن قاسم الشافعي تغمده الله برحمته ورضوانه آمين : الحمد لله تبركا بفاتحة الكتاب لأنها ابتداء كل أمر ذي بال وخاتمة كل دعاء مجاب وآخر دعوى المؤمنين في الجنة دار الثواب. أحمده أن وفق من أراد من عباده للتفقه في الدين على وفق مراده. وأصلي وأسلم على أفضل خلقه محمد سيد المرسلين القائـل : (مَنْ يُـرِدِ اللهُ بِهِ خَـيـرًا يُـفَـقّـهْهُ فِي الدِّيـنِ) وعلى آله وصحبه مدة ذكر الذاكرين وسهو الغافلين
وبعد : هذا كتاب في غاية الإختصار والتهذيب, وضعته على الكتاب المسمى بالتقريب ليـنـتـفع به المحتاج من الـمبـتـدئـيـن لفـروع الشريعة والدين, وليكون وسيلة لـنجاتـي يوم الدين ونفعا لعباده المسلمين, إنه سميع دعاء عباده وقريب مجيب, ومن قصده لايـخيب (وَإذَا سَـأَلَـكَ عِبَادِي عَـنّـي فَإنّـي قَـرِيـبٌ)
واعلم أنه يوجد في بعض نسخ هذا الكتاب في غير خطبته تسميته تارة بالتقـريب وتارة بغاية الإختصار, فلذلك سـميته باسمين؛ أحدهما فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب والثاني القول المختار في شرح غاية الإختصار
قال الشيخ الإمام أبو الطيب ويشتهر أيضا بأبي شجاع شهاب الملة والدين أحمد بن الحسين بن أحمد الأصفهاني سقى الله ثراه صبيب الرحمة والرضوان وأسكنه أعلى فراديس الجنان
(بسم الله الرحمن الرحيم)
أبتدئ (مصنف) كتابي هذا و"الله" اسم للذات الواجب الوجود و"الرحمن" أبلغ من "الرحيم" (الحمد لله) هو الثناء على الله تعالى بالجميل على جهة التعظيم (رب) أي مالك (العالمين) بفتح اللام, وهو كما قال ابن مالك : اسم جمع خاص بمن يعقل لا جمع, ومفرده "عالم" بفتح اللام, لأنه اسم عام لما سوى الله, والجمع خاص بمن يعقل (وصلى الله) وسلم (على سيدنا محمد النبي) هو بالهمز (نبأ) وتركه (نبوة) : إنسان أوحي إليه بشرع ععمل به وإن لم يؤمر بتبليغه, فإن أمر بتبليغه فنبي ورسول أيضا, والمعنى ينشـئ الصلاة والسلام عليه. ومحمد علم منقول من اسم مفعول المضعف العين, والنبي بدل منه أو عطف بيان عليه (و) على (آله الطاهرين) هم كما قال الشافعي : أقاربه المؤمنون من بنـي هاشم وبنـي المطلب, وقيل واختاره النووي : إنهم كل مسلم ولعل قوله "الطاهرين" منتـزع من قوله تعالى [وَيُـطَهِّـرُكُـمْ تَـطـهِـيـرًا] (و) على (صـحابـتـه) جمع صاحب الـنـبـي صلى الله عليه وسلم, وقوله : (أجمعين) تأكـيد لصحابـتـه
ثم ذكر المصنف أنه مسئول في تـصنيف هذا المخـتـصر بقوله : (سألـنـي بعض الأصدقاء) جمع صديق, وقوله : (حفظهم الله تعالى) جملة دعائـيـة (أن أعمل مختـصرا) هو ما قلّ لفظه وكثر معناه (في الفقه) هو لغة : الفهم واصطلاحا : العلم بالأحكام الشرعية العمليـة المـكتـسـب من أدلـتـها الـتـفصيـلـيـة (على مذهب الإمام) الأعظم الـمـجتـهد ناصر السـنـة والديـن أبـي عبد الله محمد بتن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع (الشافعي) وُلد بغزة سنة خمسين ومائـة, ومات (رحمة الله عليه ورضوانه) يوم الـجمعة سلخ رجب سنة أربع ومائـتـيـن
ووصف المصنف مـخـتـصره بأوصاف, منها : أنه (في غاية الاخـتصار ونـهايـة الإيـجاز) والغايـة والـنـهاية متـقاربان, وكـذا الإختصار والإيجاز ومنها : أنه (يـقـرب على الـمـتـعلـم) لـفـروع الفقه (درسه ويـسـهل على الـمـبـتـدئ حفظه) اي استـحضاره على ظهر قلب لمن يـرغب في حفظ مـخـتصر في الـفقه. (و) سألـنـي أيضا بعض الأصدقاء (أن أكـثـر فيه) اي الـمـخـتـصـر (من التـقـسـيـمات) للأحكام الـفـقـهـيـة (و) من (حصر) اي ضبط (الـخصال) الـواجبة والـمـندوبـة وغيـرهما (فأجـبـتـه إلى) سؤالـه في (ذلك طالـبـا للـثـواب) من الله تعالى جزاء على تـصـنـيـف هذا الـمـخـتـصـر, و (في الـتـوفـيـق للـصـواب) وهو ضد الـخـطأ, (إنه) تعالى (على ما يشاء) اي يريد (قـدير) اي قادر (وبـعـباده لطيـف خبـيـر) بأحوال عباده. والأول مقـتـبـس من قوله تعالى : [اللهُ لَـطِـيـفٌ بِـعِـبَـادِهِ] والـثانـي من قوله تعالى : [وَهُـوَ الـحَـكِـيـمُ الـخَـبِـيـرُ]. واللطف والـخـبـيـر اسمان من أسمائـه تعالى, ومعنى الأول : العالـم بـدقائـق الأمور ومشكـلاتـهـا, ويـطلق أيضا بـمـعـنى الرفـيـق بـهـم, فالله تعالى عالم بـعـباده وبـمـواضـع حـوائـجـهـم رفـيـق بـهـم. ومعنـى الـثانـي قريـب من معنى الأول, ويـقال : خـبـرت الشـيء أخـبـره فأنـا بـه خـبـيـر اي علـيـم
والله تعالى أعلـم
إرسال تعليق for "فتح القريب المجـيب | مـقـدمة"
اكتبْ تعليقاتكم بلغة عربية فصيحة ووضيـحة